الزمن، التطور التقني، ومكانة البشرية في التاريخ والمستقبل. إنها اعتبارات تخضع حالياً لاختبار استثنائي؛ لأن التفكير في الزمن معطوفاً على التذبذب الهائل الذي تتعرض له التكنولوجيا، لناحية الاستقرار الظرفي للتقنيّات ومن ثم انحرافها نحو أشكالٍ جديدة، أو إصابة التقنيات بتحولات شديدة تُسمى علمياً "تحول التنسيق التقني" (format transformation)؛ كلها مخاطر تواجهها البشريّة وتخلق أوضاعاً سلبية على مستوى حفظ الآثار الرقمية.
يقدم العالم الراهن نفسه بمرونة، ولكن مسار قفزات التكنولوجيا تحمل معها انكماشات مريبة والتي غالبًا ما يتم تجاهلها. إذ تنطوي أزمة "تحول التنسيق التقني" على أربع معضلات أساسية: 1- فقدان التوافقيّة، 2- تسارع التقادم، 3- هشاشة التخزين، 4- مشاكل التجزئة.
وهنا أطرح مثالاً سريعاً عن فكرة "تحول التنسيق التقني": إن الانتقال من وسائط الأقراص المرنة (Floppy Disks) إلى ذاكرة الفلاش (Flash Memory)، كانت بمثابة حملة تصفيّة مفتوحة تعرض لها جزءً هائلاً من الذاكرة البشريّة.
حدث كل ذلك تحت وطئة الحاجة الملحة إلى استبدال البنية التحتية الكاملة للتقنيّة. تحدث تصفيّة الذاكرة الرقميّة نتيجة فائض تقني يندفع بشكل مهول ومتسارع لتحقيق قفزة تقنيّة. هذه القفزة؛ هي التي تَخلق نسقاً جديداً في التقنيّة. لذلك يصعب فهم أزمة تحول التنسيق التقني دون الوقوف مطولاً عند "أنساق التقنيّة"، لذلك أطرح عبر الجدول أدناه نموذجاً تقريبياً للفكرة:
يقدم العالم الراهن نفسه بمرونة، ولكن مسار قفزات التكنولوجيا تحمل معها انكماشات مريبة والتي غالبًا ما يتم تجاهلها. إذ تنطوي أزمة "تحول التنسيق التقني" على أربع معضلات أساسية: 1- فقدان التوافقيّة، 2- تسارع التقادم، 3- هشاشة التخزين، 4- مشاكل التجزئة.
وهنا أطرح مثالاً سريعاً عن فكرة "تحول التنسيق التقني": إن الانتقال من وسائط الأقراص المرنة (Floppy Disks) إلى ذاكرة الفلاش (Flash Memory)، كانت بمثابة حملة تصفيّة مفتوحة تعرض لها جزءً هائلاً من الذاكرة البشريّة.
حدث كل ذلك تحت وطئة الحاجة الملحة إلى استبدال البنية التحتية الكاملة للتقنيّة. تحدث تصفيّة الذاكرة الرقميّة نتيجة فائض تقني يندفع بشكل مهول ومتسارع لتحقيق قفزة تقنيّة. هذه القفزة؛ هي التي تَخلق نسقاً جديداً في التقنيّة. لذلك يصعب فهم أزمة تحول التنسيق التقني دون الوقوف مطولاً عند "أنساق التقنيّة"، لذلك أطرح عبر الجدول أدناه نموذجاً تقريبياً للفكرة:
بدوري قمتُ بابتكار أدوات تفكير خاصة بالمواد التي سأنشرها تباعاً عن مسألة "أركيولوجيا الإنترنت الميّت". في الجدول المرفق أعلاه، حاولت الاجتهاد في تنظيم التقنية وفق أنساق وجدت أنها تساعد في تصويب المقالة. كما أن توزيع الأنساق يصل إلى مراحل زمنيّة أبعد كالإغريق والرومان، ولكن لم أضف هذا القسم لأنه لا يقدم أي فائدة لفكرة المقالة المعروضة حالياً.
لقد حددت الأنساق، أولاً وفق تغيرات ملحوظة على مستوى صناعة التقنية، وثانياً على ضوء أثر التغيرات الابستمولوجية والانطولوجية على "الذات" نتيجة تبدل شكل التقنية عبر التاريخ واخترت خاصيات كل نسق وفق توفر عناصر محددة سأشرحها في مقالٍ لاحق.
إذن، يُبنى العالم الراهن أسرع بآلاف الأضعاف من عالم القرن العشرين أو القرن التاسع عشر. إن العالم التقني ليس عالماً واحداً بل هو مجموعة عوالم، يمكن تخيّل ذلك وفق نظرية أنساق التقنيّة. لنقل على سبيل المثال: النسق التقني للقرن 20، النسق التقني لعصر النهضة، النسق التقني للدولة العباسية الإسلامية، وهكذا.
تدل الهشاشة الفظيعة المصابة بها بنيّة المشهد التقني الراهن على خللٍ عميق يطال ما نريد أن نكون عليه في المستقبل. يطال بالتحديد آليات انتقال التقنيات من نسق وتموضعها في نسقٍ آخر. إن الهشاشة هنا تصيب حلم المستقبل الذي يبدو من الواضح أنه يفقد جوهره ومكانته ومتانته البنيوي خلال عمليات الانتقال أو الارتحال.
يُحفظ أرشيف التاريخ بشكل جيّد؛ لأنه يحٌفظ وفق نوايا جماعيّة تضمرها البشريّة لتحقيق مستقبل أكثر واضحاً. إن تاريخنا التقني الراهن ليس خطًا مستقيمًا بل يبدو أكثر حلزونيًا ويعيد اكتشاف ذاته دائماً بأبعاد مغايرة، غير أننا اليوم نتصرف دون الأخذ بعين الاعتبار أحفادنا القادمين. نحن نتصرف مع ذاكرتنا الرقميذة كما لو أننا لا نريد أن نورث سلسلة عالمنا - الذي يُخلق في كل ثانيّة - إلى الأجيال القادمة.